أنا والبحر
كنت أمشي والهم هو الشعور الذي يتملكني
لا أدري إلى أين ولكن كان نحو الأمام يأخذني
وكلما مشيت علمت أني نحو ترك اليابسة خلفي
إلى أين لا أدري
فجأة وأنا أمشي إذا أحس ببلل خفيف على قدمي
نظرت نحوها فوجدت الماء يدخل من بينها ويسري
فتوقفت عيناي على هذه المفاجئة ماالذي يجري
نعم كنت أمشي بلا غاية ولا إلى أين لا أدري
ما الذي أوصلني إلى هذا المكان وماذا تركت خلفي
فرفعت عيني ببطء شديد من على رمل خفيف كصبري
لأرى أين أنا ومالذي بدأت ألامس أطرافه فلا أدري
فإذا عيني تمتد نحو الأفق كأنها تمشي
فإذا بهذا الذي أمامي علمت في البداية بأنه ماء متجمع ولكن أين فلا أدري فرفعت عيني قليلا فإذا بمد وجزر يدفعه الهواء نحوي ثم مددت النظر أكثر فإذا بالأفق يتسع أكثر ولمعة النور تضرب في سطحه الكبير تجعل عيني تحتبيء خلف يدي الصغيرة وشيئا فشيئا حتى التصق طرفه الأخير هناك بعيدا قي الأفق مع السماء وكأنه امتزاج وتكون آخر فعلمت أني أقف أمام البحر!
نعم فالصوت كان صوت البحر هاديء على مسامع من لا يسمع وساخن وحاد على من يصغي إليه , في ذلك الوقت وضعت عيني وانا لا أحرك شيئا من جسدي كالمتصلب في وسطه وبدأت الرياح تداعب تصلبي فكأنه يقول لي إذهب فلن تحتمل فيضي يا صغير وأنا أترك جسدي للفحات هواءه التي تاتي من فوق أمواجه هناك في وسطه لا أدري في ماذا أفكر وعلى أي طريقة أبدأ من أنا وما الذي أتى بي إلى هنا لا أدري.
الصمت يعم كل شيء خلفي وأحسست بأني الوحيد هناك في وسطه أقف كأنه يحملني عاليا لحد فيه تصغر الأشياء فتتلاشى بالتدريج لتختفي فأقف على هذا الأفق يمينا وشمالا والشمس تضرب جبهتي والهواء الساخن الذي يمر على شفتاي فغدت قاسية متقشفة , تحول في لحظة كل هذا إلى صوت واحد لا ينقطع صوت متتابع متضخم تعرف أن صاحبه عاش على حافة الزمن في أكثر من مكان , قطعت أجزاؤه وحوصرت ممتلكاته وعذبت صفاته , كالأسير الذي مات ألف مرة وفي آخر مرة أصبح عليه الحظ الكبير وتحول إلى ملك كبير فعندما تخلص من أسره تبقى للأسر فيه ألما يزوره كلما رأى عدوا له , كالطفل الصفير حينما يتعود عندما يبكي البكاء هو اعتقاده في تلبية طلبه ثم يرمى لتلقفه أيادي الناس فيبكي ويبكي حتى لا يجاب فيصبح في اعتقاده أن لا فائدة من البكاء , تكلم هذا الشيب القدير وأنا أرتجف من تداخل صوته مع الهواء والضوء والجماد في جسدي فعلمت أن هناك من سيبهرني ويفاجئني وربما ينطلق بي في قناعاته وخبرته وتجاربه وعثراته , علمت أن هناك من سيخبرني بما أبحث عنه أي سيفسر ويوضح ويمهد ويخطط , علمت أني سأنفض غبار همي على جموده وصلابته وامتداده وعندما أتركه خلفي أي عندما أعود سأضحك كثيرا وأبدل حزني والركود فرحا وحركة , تكلم وقال:
لا أدري!!