الوحــــــيدة
ها هي أهداب قصائدي الهادلة
تنثر ظلها في مخدعي
تسكب فى خدود الرحيل دموع الفراق
وتكوى الفؤاد بلظى رحيله
الوحدة ترقبني بصلصلة القيود وعويلي الهارب
أبكى الليل ودموعي تنسكب من قلب الحياة
كحبات الندى التي تسقط في جفون الليل
وفى كبد الصباح
تصحو الوحدة فتنهرق منها السخرية
وتسيل كسم الأفعى في الجرح الملسوع
وأرى
الموت يحيك ثوب الحداد الأسود
حتى تمزق حنجرتي المهترئة
ها أنا أصبحت وحيدة تائهة
أعيش في عتمة التيه وفى يتم الغربة
أمشى تحت هطول المطر في دروب النسيان
والصقيع ينحل جسدي المسجى
وأبيت على أعتاب البرد النازف من الثلج
أحلم بظل دفء يتسلل إلى أضلعي
ويسكب أنين البسمة على شفتاي
لقد انطفأت جمرات ثورتي الجامحة
ونحيب بكائي يعلو أضلعي
وروحي غارقة بنهر القهر
وبين التواءات الدروب وفى غابات التيه
يجلدنى الوقت بسياط الغربة
الريح تحمل صوتي فوق العواصف النائحة
وتبدده فوق الجبال الشامخة
تسكنني نفس حزينة ممتلئة بدموع الأسى
أجلس في العتمة المنيرة أسمع همس الليالي
أحبك من خيوط قلبي ثوب الأحزان
أتحزك بنطاق الوجع
وأنثر من رذاذ تنهيداتي همس الزهور
وحفيف الغصون وخرير السواقي
وأنا هنا في حيرة عجفاء
وحلم يسكن في ضباب أسود
وأمل يغتال في غفوة الضمير
أنتــــــظر
حيرة عارية مبللة بمطر الليل المظلم
و خدعة تلبس ثوب النفاق
وتنفخ تحت الرماد المتمرد
لتبتهل من جدرانه الضوء والعطر والدفء
كنت أرتشف الحب من نهر عينيه
وكأنه شهد تسكبه عرائس الفجر فى نسيم الصبا
فعندما يذبح عنق المرح بسيف الوحدة
والليل يخبىء الفجر بأهداب العتمة
لكى يخفى ضوء الصبح
أبكى على تل الرماد
على أجنحة الأشواق العذراء
فأشعر بوهج ضوء يسرى بين سطوري
وبريق يلفح ضلوعي
فتغمرني رخاوة نعاس فى شق السكون
حتى الفجر
ويولد النهار من ثقب الجرح
متوسداً زند الصمت الأعرج
وشعاع الشمس يصبح ضوءه كخيوط العنكبوت
تلقفهم قناديل الليل
فأجدني جالسة في سريري يقظة
يرمقني النوم في جفون ناعسة
وأنا أمارس طقوس أنثى
باتت سنين لم تغفو على صدر رجل
وأصبحت أرقب ظل حبيبي الفارس المغوار
و الوعد المكتوم
بين مراقد النسيان
فكتبت رسالتي له
أيها الفارس الهمور
يا من تتوسد أضلعي خلف أستار صدري
أنتظر فجر جديد حتى توقظ لبوءة ثائرة فى أعماقي
فأنا كغمامة الثلج الساخن تنتظر الرعود
كى تبعثرها زخات مطر
تملأ زجاجات فارغة
وتسقى أرض عطشى
وفى نقاب الليل
الصبح يرصع أذيال الليل بأشعته الوردية
بين طيات عباءتك السوداء يسكب المحبون أنفاسهم
وبين ذراعيك الرخيمة يصب المحرومون أوجاعهم
وعلى وجنتيك المغطاة بقطر الندى يصب الخائفون دموعهم
وعلى صدرك المعطر بطيب الأودية
يضع الغرباء تنهيدات أشواقهم وحنينهم
ويغفو النرجس على دفء أنفاسك
فأنت نديم المحبين وأنيس المستوحشين
ورفيق الغرباء والمنكوبين
فخذني هناك حيث أنت وأنطلق بعيدا
لا تجعلني أقف بزاوية العمر
كي تنهشني الذئاب الضالة
خذني حبيبي إلى طرف الدنيا وابتعد
ضمني إليك بعنفوان رجل شرقي
لقد كبلتني الوحدة قيودا وأقفالَ
حتى نالت من معصمي الحسن والجمال
ذاب في محاجري الساخنة
صدأ الثلج المتوهج في موقدي
لقد كنت أغنية العشق على شفتاي
وهمس النجوم في مسمعي
وكنت زهرة في بستاني
لقد كنت دنياي فأصبحت حلم
أتوشح طيف حبك
لأسمع صوت أنفاسك الدافئة
وهى أنغام أعذب من همس الأزهار
وفراشات الصبح رحلت من حدائقها
عندما حدثها نسيم الصبا عن رضاب شفتيك
وفى بساتين الانتظار
سوف أبيت تحت ظل أهداب عيناك
وألتحف ضوء القمر
حبيبي
إني أتنفس عطر هواك
أقضى الليل على أنفاس النجوم الباردة
أجمع رفات حلمي المتناثرة
وأنشرها في كوكب الشمس
كي تسكب فيها الدفء
فنهضت كوكبة أحلامي في سرب طائرة
ونبضات قلبي أصبحت متباعدة
وهى تبحث عن فتات شوق تائهة
التهمته عنقاء الرماد
فطحنته ثم نثرته في الهواء
فغشيني الصمت الأحمق
وانتحب الكلام على شفتاي
وعندما أردت الكلام
وفتحت شفتاي للكلام وجدت نفسي خرساء
آه آه آه
يا زمان
الحنين يسكب في كبدي خمره ممزوجة بمرارة اللذة وحلاوة الأوجاع
أغفو وأصحو
وبين أجفاني ترتعش أشباح اليقظة
وعلى فراشي الحجري تتمايل خيالات الأحلام
الحب أصبح عندي كسم الأفعى القتال
أتجرعه بملعقة الأسى
وأنثره رذاذا فى فضاء الكون
فيسقط كحبات الندى فوق الزهور الطاهرة
فترتشفه الأرواح الظامئة
ويأخذه التيه إلى بلاد الحنين دقيقة
ثم يصحو ثم يغفو عاما ثم تموت دهراً
فتتجمد كواكب الليل
وتسبح مترنمة في بحر شمس النهار
خيوطها شاحبة يرهقها الجوع
وكلما نهرها الريح تتنهد من الألم
وأرى القمر مرتديا عباءة الصمت
حتى لا تراه العيون الصدئة
وأنا هنا
أطلق تنهيدات ساخنة
جاءت من الألم البعيد
لعلها تعيد غربلة الواقع
وتوأد الأحلام البالية
فى سراديب المنون
وأطير كفراشة عذرية
حطت على غصن البراءة
وارتوت منه الرحيق
0000000